"حرب تجارية صامتة" بين المغرب ومصر.. الرباط تتهم المصريين بـ"تزييف منتجاتهم" والقاهرة تفرض قيودا على واردات "السيارات المغربية"
يبدو أن الخلاف التجاري بين المغرب ومصر سيتوسع في القادم من الأيام، بفعل الهوة الكبيرة التي تعرفها الملفات العالقة فيما يتعلق بالتبادل التجاري بين الرباط والقاهرة، والتي يفسرها كل طرف وفق رؤيته، ومصالحه، ومبرراته الخاصة.
غير أن الثابت هو وجود العشرات من الحاويات التي تحمل المنتجات المصرية مازالت عالقة في الموانئ المغربية منذ أسابيع، بسبب عدم مطابقتها للمعايير التي تحددها "اتفاقية أكادير" التي وقعت سنة 2004، بالرباط، وهي الاتفاقية التي تنص على التبادل التجاري الحر بين الدول العربية الأطراف، وهي المغرب ومصر وتونس والأردن، لدعم التجارة البينية بين هذه الدول.
في مقابل المنتجات المصرية المكدسة في الموانئ المغربية، والتي تقدم بملايين الدولار، فرضت الدولة المصرية على موردي السيارات المغربية، "كوطة" معينة، لا يمكن تجاوزها، بمبرر الحفاظ على حجم العملة الصعبة المتآكلة في خزينة الدولة، حيث وجه البنك المركزي المصري تعليمات بمنع تدبير العملة الأجنبية لعمليات استيراد السلع الترفيهية التي حددها بـ13 سلعة، بينها السيارات والمعدات الثقيلة والهواتف والملابس والمجوهرات، إلا بالرجوع إليه.
في هذا القرار، أدخل البنك المركزي السيارات المستوردة من المغرب في خانة "السلع الترفيهية"، وهو ما قلص حجم الواردات المصرية من السيارات المصنوعة في المغرب إلى 70 في المائة، وفق معطيات حكومية، وهو ما جعل الميزان التجاري بين الرباط والقاهرة يزداد تفاقما لصالح مصر، ودفع المغرب إلى التدقيق في السلع والمنتجات المصرية الموجهة نحو المملكة.
مع وجود هذا التدقيق، بدأت إدارة الجمارك والضرائب في تحديد السلع التي تقوم مصر بإغراق السوق المغربية بها، وتهدد المنتجين المغاربة، وهو ما دفعها إلى فرض "رسوم إغراق" على واردات الطماطم المعلبة، بتاريخ 24 دجنبر الماضي.
وزارة الصناعة والتجارة المغربية بررت القرار بأنها فتحت تحقيقا لم يتعاون فيه الجانب المصري، وعليه، قررت السلطات المغربية بعد الاستئناس برأي لجنة مراقبة الواردات في نونبر الماضي، بتطبيق رسوم إغراق لمدة 5 سنوات على واردات الطماطم المعلبة من مصر، يتم تحديده على أساس هامش الإغراق المحتسب بنسبة 39.93%.
المزعج بالنسبة للمغرب، كان اكتشاف أن مصر تحاول دعم العملة الصعبة في بنكها المركز لتجاوز تهاوي حجم السيولة المالية الأجنبية طيلة السنوات الماضية، بدعم غير مباشر للمصدرين، والتغاضي عن منشأ المنتج المُصدّر، وهو ما يخالف بنود اتفاقية أكادير، التي تشدّد على تطبيق قواعد المنشأ التراكمي الذي يساهم فى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري ودعمه فيما بين الدول الأعضاء.
في هذا السياق، اتضح للجانب المغربي أن المصريين يقومون باستيراد آلاف المنتجات من الصين، قبل أن يعاد تدويرها، أو تغليفها، ووضع علامة "صنع في مصر" ثم إعادة تصديرها إلى دول العالم، بما فيه المغرب، على أنها منتجات مصرية ومنشأها المصانع المصرية، وهو ما تغاضت عنه الدولة المصرية، نفسها، لدعم الصادرات وتحصيل العملة الصعبة لخزينتها، مما دفع اجانب المغربي إلى منع دخول هذه الصادرات المصرية للأسواق المغربية لأنها تخالف " بنود اتفاقية أكادير".
هذا الخلاف التجاري المصري المغربي ليس جديدا، فقد سبق للوزير السابق، للتجارة والصناعة والإقتصاد الرقمي، حفيظ العلمي، أن اتهم، سنة 2021، السلطات المصرية بعرقلة صادرات السيارات المغربية، بل ذهب أبعد من ذلك حينما أكد أن السلطات المصرية تقوم بـ"تزييف صادراتها نحو المغرب" بوضع علامة "صنع في مصر" على منتجات في الحقيقة صينيَّة، وهو ما يكبد المغرب خسارة بنحو 600 مليون دولار.
وأكد الوزير حينها، أنه تباحث مع الوزير المصرية للصناعة والتجارة، نيفين جامع، حيث طالب منها مراجعة التبادل التجاري بين البلدين"، بسبب ما سمَّاه "بلوكاج" تعاني منه المنتوجات المغربية في الوصول إلى السوق المصرية، حيث أن "المواد المغربية تلزمها 3 أشهر لدخول السوق المصرية". وأضاف أن: "السيارات التي تصنع بالمغرب عند تصديرها إلى مصر تواجه العرقلة ويفرض الجانب المصري شروطاً لدخولها". في مقابل ذلك، يضيف الوزير المغربي أن هناك "تزييف للمنتجات المصرية المتوجهة إلى المغرب"، وكشف أنه: "جرت مؤخراً مراقبة الحاويات القادمة من مصر، وتبين أن 3 منها تحمل منتوجات مزورة وحاصلة على شهادة من السلطات بأنها مصرية في حين أنها منتوجات من صنع صيني".
هذا الخلاف القديم الجديد، يعاد اليوم إلى الواجهة، في وقت تلتزم السلطات المصرية والمغربية الصمت، وترفض التعليق على الموضوع، حيث راسلت "الصحيفة" وزارة الصناعة والتجارة المصرية، ونظيرتها المغربية للتعليق علي الموضوع، لكن كلا الجانبين رفضوا التعليق علي الموضوع في "حرب تجارية" يراد لها أن تكون صامتة.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :